تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
شرح كتاب دليل الطالب لنيل المطالب
79335 مشاهدة
أقل مدة الحيض وأكثره

...............................................................................


الباب الذي بعده: باب الحيض: دم طبيعة وجبلَّة ترخيه الرحم في أوقات معلومة، خلقه الله تعالى؛ لحكمة تغذية الجنين في الرحم. إذا انعقد الحمل في الرحم انصرف ذلك الدم غذاء للجنين يتغذى به مع سرته.
فإذا لم تكن المرأة حاملا خرج هذا الدم؛ حيث لا يكون له مصرف. فيقولون: لا حيض قبل تمام تسع سنين. ما عُهد أن جارية حاضت قبل تمام التاسعة، أما يوجد من يكون شبابها قويا وتحيض في السنة العاشرة أو الحادية عشر، والغالب أنها ما تحيض إلا في الرابعة عشر أو الخامسة عشر.
ذكر عن الشافعي أنه قال: رأيت جدة لها إحدى وعشرون سنة. بلغت وعمرها عشر سنين أو تسع سنين وتزوجت وولدت. ولدت بنتا يعني لما ولدت وعمرها عشر سنين. بنتها كذلك؛ لما تمت تسع سنين تزوجت وولدت أيضا. في السنة العاشرة أو الحادية عشر فصارت جدة وعمرها واحد وعشرين. والحيض غذاء الجنين فيدل على أنها حاضت. ولا بعد خمسين. إذا بلغت المرأة خمسين توقف عنها الدم، لكن قد يوجد مع كثير من النساء إلى الستين، وهذا هو الصحيح؛ لأنه يوجد من كثير من النساء تبلغ الخمس والخمسين أو نحو ذلك وهي تحيض، ولا مع حمل؛ وذلك لأنه ينصرف الدم لغذاء الحمل.
فالحامل لا تحيض. وإذا رأت الحامل دما فهو دم فساد، ويكون إذا كثر دليلا على مرض الجنين الذي في الرحم؛ لأنه إذا مرض لم يتغذى فيبقى ذلك الدم كثيرا فيخرج.
أقل مدة الحيض يوم وليلة. يعني: وجد من النساء أنها تحيض يوما وليلة أربعة وعشرين ساعة ثم تطهر. ولكن هذا قليل. أكثر ما وُجد يستمر مع المرأة خمسة عشر يوما، وهذا أيضا قليل. الغالب ستة أيام أو سبعة أيام أو نحوهم. يمكن أن يكون بعضهن خمسة وبعضهن أربعة وبعضهن ثمانية، يوجد كذا وكذا ولكن الأغلب ستة أيام سبعة أيام. يقول: أقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يوما.
روي أن امرأة طلقها زوجها، وجاءت بعد شهر وقالت: قد اعتددت حضت في هذا الشهر ثلاث حيضات. استغرب ذلك. فقال له شريح إن جاءت ببينة من بطانة أهلها ويُرضى دينه وأمانته وإلا فهي كاذبة، أقره على ذلك وقال: قالون يعني جيد.
نقدر مثلا أنه طلقها في أول الشهر؛ مثلا في شهر جمادى الثانية، وفي ذلك اليوم لما طلقها حاضت وطهرت بعد يوم، وبقيت ثلاثة عشر يوما. يعني: اليوم الذي حاضت فيه وثلاثة عشر هذه أربعة عشر، وحاضت الحيضة الثانية في اليوم الخامس عشر وطهرت في أول السادس عشر، وبقيت طاهرا ثلاثة عشر يوما. ثلاثة عشر مع خمسة عشر هذه ثمانية وعشرون، وحاضت في اليوم التاسع والعشرين وطهرت في اليوم الثلاثين. يمكن أن يكون هذا ولكنه قليل.
غالب النساء تحيض في كل شهر. غالبه بقية الشهر تحيض أربعة أيام وتطهر ست وعشرين، تحيض خمسة أيام وتطهر خمسة وعشرين، وبعضهن تزيد. بعضهن مثلا تحيض عشرة أيام وتطهر ثلاثين يوما فيكون شهرها أربعين يوما.
ولا حد لأكثره. منهن من تبقى ستة أشهر ما رأت الحيض أو نحو ذلك. يدل ذلك على ضعف البنية أو على مرض أو ما أشبه ذلك.